Monday

من على حافة شباك بعيد أو أكثر


فى ذلك اليوم من الأسبوع..حوالى الخامسة و النصف عصرا ,يغلقوا جميع النوافذ.....تدخل الشمس في الصباح لتطهر المنزل ..تدخل بعد شبه إستئذان و تطرد كما يشائوا

تفتح شباك غرفتها على مصراعيه فى تمرد..تكره منظر الشمس و هى تتسلل من فتحات الشبابيك فى صمت ,تلك فرصتها لتسمح بدخول الضوء بحرية,فبعد قليل, ستنفض الأرض حرارتها الملطفة بنسيم العصارى رامية بدفئها على كل شئ , خاصة على من سيحتاج هذا الدفئ ليلا

تودع الشمس شباكها... فتجلس و تنتظر أن يحدث ما تنتظره فى الظلام..... الآن تتوهج الأنوار واحدة تلو الأخرى.. منظر الأضواء فى تلك الحجرات البعيدة و هى تتأرجح بمرور أجساد أشخاص مبهمون يصعب مهمتها فى تحديد ملامحهم و يبعث فى نفسها شوقا لرؤيتهم و التعرف عليهم عن قرب

هناك عند شباك الرجل الجالس على المكتب الكبير ,حيث يتعالى دخان سجائره بوضوح أكثر منه ومن الكتاب الذى لم ينتهى من قرائته يوما,تشعر أنه يقرأ لها و معها,كانت تستمع بإنصات لكل حرف تتخيل أنه قرأه ,كأنه سيسألها عنه غدا ,و تضحك كلما مال برأسه إلى الوراء يشد شعره الطويل كأنه يلعن عدم سماعها له بوضوح..و فى الشباك المجاور له , تقف السيدة السمينة تنظف البراويز على الحائط كل يوم بلا ملل ,وتظل تنظر لها مفرودة الظهر و كأنها تفتخر بكل شئ و أى شئ ,أو كأنها تحكى قصة تسمعها الحوائط و البراويز قبل أى شخص, ثم تمسك بالتليفون فى مكالمة مدتها دائما دقيقة و نصف , بعدها تغلق السماعة و تجلس دون حراك لأكثر من ساعة... تتمنى فى تلك اللحظة لو أنها ترى تعابير وجهها..لا تشعر من داخلها أنها سعيدة,تلك المكالمة لا تزيدها إلا إنحناء فى ظهرها المستقيم و لا تعرف سر إصرارها على إجراء المكالمة يوميا..تتركها لحائطها و تليفونها و تتمشى ببصرها على بعد خمس شبابيك مغلقة..هناك يقع شباكها المفضل..خاصة اليوم, إنه الأربعاء, ميعاد الرقصة الأسبوعية للشخصين الوحيدين فى ذلك الكون اللذان يرقصان كثلاثة, هم و قلبها, رقصة واحدة لنبضات مختلفة و متناغمة


تغفوا قليلا واضعة يدها على حافة الشباك و تحلم...ستقيم حفل شبابيك يراه شخص يقف فى ضوء حجرة بعيدة مثلها..سيلقى بتحية تصل لهم و سيردوا بواحدة تدعوه لحفلتهم..الكل تم دعوته و جميعهم أتوا طائرين ..الرجل ذو السيجار الطويل أتى بكتابه ليقرأ لها الفصل الأخير منه و يطلعها على سر شده لشعره كى يفيق من قيلولته التى تأخره دائما عن إكمال الكتاب و تشاركهم السيدة صاحبة البراويز فى الحديث و تطلب رقم تليفونها و تترجاها أن تسأل عنها ...تطمأنها و لا تحاول السؤال عن سر المكالمة التى تحنى ظهرها دائما,فلربما حكت لها فيما بعد .. يأتى الحبيبان ليسلما عليها و يؤكدا أنهم دائما يروها و هى تلقى بتحيتها لهم و تندهش عندما يؤكدوا لها أنهم لطالما سعدوا بكونها المتفرجة المفضلة لرقصتهم ..تبتسم لإعتبارها متفرجة و تكتفى بحفظ سر الرقصة الثلاثية لنفسها

تفيق من غفوتها و تنظر إلى تلك الشبابيك بعدما أطفأت الأنوار فيها و أنيرت فى أخرى ..تنظر إلى حافة الشباك و تتمنى لو أنها تصادق كل الشبابيك المغلقة و المفتوحة أو أن يصبح العالم شباك كبير لحجرة قريبة بضوء هادئ و أشخاص حقيقيون, لا خيالات أجساد فى ليل لا يضيئه سوى نور حجرات تظهر من على حافة شباك بعيد أو أكثر

7 comments:

فكرة من الزمن ده said...

ممتعة حقيقي ليا جدا كتابتك احييكي

Tarkieb said...

حلوة الحكاية وربنا اوووي واسلوبك رهييب بس معرفش حسيت ان كلمة براووويز نشاز بين الكلام الجميل ده ماكنش ينفع تستخدمي كلمة بدالها؟
تحياتي

فيشة بنت كبس said...

أشكرك جدا يا استاذة فكرة من الزمن ده ..شرف لى:))

فيشة بنت كبس said...

استاذ تركيب فعلا و أنا بكتبها حسيت كده بس بديلها لن يوصل المعنى...أشكرك جدا و شرف لى مرورك بهذه المدونة المتواضعة:))

Anonymous said...

لو تكبرى الخط بس شوية يبقى تمام


مدونة جميلة على فكرة ودمك خفيف بجد

تحياتى

Anonymous said...

على فكرة كمان الصورة اللى حطاها فى الهيد بنتاع المدونة عبقرية بجد
مش بس علشان شكلها جميل ومختلف لكن كمان علشان ماشية قوى مع اسم المدونة ومواضيعها اختيار موفق جدا

فيشة بنت كبس said...

اشكرك جدا :)شرف لى مرورك بمدونتى المتواضعة