Thursday

شفرة الروح


"إتفضلى الدكتور منتظر حضرتك"

دخلت و هى تجر قدماها, جلست أمامه .. رأى يدها مقبضة على شئ بحرص ,فتحتها ثم وضعته على المكتب بهدوء,نظر له و سألها

"حضرتك بتشتكى من إيه؟"

نظرت له و هى تستعيد كل ذكريات حياتها:"ذهبت ليلا إلى الفترينا و وضعته هناك ,كنت أنتظر مجيئه صباحا و مساءا ولكنه لم يغير ميعاده أبدا..دائما يأتى فى ساعات الظهر ... يأتى و يقف أمام الفترينا لمدة دقائق, يبتسم له من امام الزجاج ثم يمشى..لاحظت إعجابه به ولكنى لاحظت أكثر أنه لم يحاول يوم شرائه!!..قررت أن اخذه من الفترينا لأريه إياه.. إنه حقا سليم و جميل ليس به عيوب , لامع و شفاف , إنه جديد تماما...و عندما أتى فى الميعاد المعلوم أخذته من الفترينا و ذهبت له, وجدته واقفا مبتسما ينظر للفترينا كعادته!!! تعجبت؟؟ لماذا يقف هكذا!! إنه فى يدى , ليس فى الفترينا!!ء
ذهبت لأسأله...وقفت خلفه و عندما همت يدى لتربت على كتفه رأيتنى أنا و هو ...فى الظهر ساعة تعامد الشمس على الزجاج...يتحول إلى مرآة... رأيتنى أقف خلفه...لم يلاحظنى, فقد كان ينظر لنفسه بكل عمق...و يبتسم , لأول مرة أرى الحقيقة,نظرت إليه و أنا أحمله فى يدى و لم أدر بنفسى إلا و أنا ألقيه كالصخرة على الفترينا....رأيت وجهه على الزجاج المتناثر,لم أر فى حياتى شخص مرعوب لهذه الدرجة,حاول مساعدتى و لكن خوفه جعله يرحل. جلست أنا لألتقطه من الزجاج ,رأيته ينزف, فحملته لك..و ها هو أمامك على المكتب"ء


نظر له و أمسك بالملقاط يلتقط كل قطعة زجاج ..داواه ثم أعطاه لها ..ضمته إليها ثم رحلت


بعد شهر ذهبت له مرة أخرى,نظرت له بسخرية القدر و هى تضعه أمامه على المكتب
سألها

"حضرتك بتشتكى من إيه"

قالت:"جلسنا معا كثيرا,كلما تقابلنا تحدثنا مطولا و فى كل مرة يغادر,كنت أراه معلقا على ظهره.. لم أفهم فى البداية ..كنت أحاول دائما أن اجرى ورائه لأستعيده ,لكنه لم يسمعنى..بعد فترة قررت أن أضعه أمامه على الطاولة لكنه تظاهر بعدم رؤيته ..تكلمنا,ثم هم بالرحيل و هذه المرة وجدته يجر من على الطاوله و قد شبك فى ظهره..إنه على وشك الوقوع!!!ركضت لأنقذه ولكنه جرى بكل سرعته فوقع من على ظهره.. ذهبت لأتحقق منه لأجده تفتت ,نظرت له لعله سمع صوته ولكنه إستمر فى الركض..جلست ألملم رفاته و إستجمعت ما فى إستطاعتى.. و ها هو أمامك على المكتب"ء


نظر له ,علم ما يحتاج له كى يداويه.. نصحها هذه المرة بعنايته بشكل أفضل ثم أعطاه لها بحرص

بعد فترة رجعت له وهى غاضبة:" عملت بنصيحتك..لم أسمح لأحد بلمسه و لكنه فجأة بدأ يقترب و كلما حاولت الإبتعاد أراه ممسكا به طلبت منه تركه و لكنه رفض..شرحت له حالته الخطيرة ولكنه تمسك به و أقنعنى أنه سيكون فى أيد أمينة...استسلمت,لكن بعد فترة بدأت أشعر بالألم,شعرت به فى أوصالى لكنه ليس معى ..فقدت الإحساس تماما و هو معه, إلا من إحساس ألم عدم الإحساس..قررت أن أشده بكل قوة....كلما فعلت,يشده هو أكثر ,حتى رأيته ينطلق كالرصاصة فى وجهه..أراده قتيلا..أخذته من يده و قد تقطع إربا..و ها هو أمامك على المكتب"ء

نظر لها و له بيأس و أخذه منها برفق شديد..حاول مداواته قدر إستطاعته و قبل أن يعطيه لها تحدث إليها عن خطورة الموقف هذه المرة و أن أى إهمال له قد يؤدى إلى فقدانه للأبد...أخذته فى صمت و الدموع تحرقها ثم غادرت


مرت الأيام و الشهور ,ذهبت له شاحبة الوجه ووضعته أمامه على المكتب...نظر له..يتفحصه , لكنه كان سليما..تفحصه مرة أخرى جيدا ,لم يجد به شئ ..سألها بإستغراب :"حضرتك بتشتكى من إيه!!!"ء

نظرت له بملل:"لا شئ......و هذا يؤلم أكثر!!"ء

ابتسم لها و أمسك قلمه و دفتر روشتاته ثم كتب...- هذا القلب يحتاج إلى قلب ملئ بنبض الحياة..عندما يريد قول الحقيقة يقسم بحبه...قلب يسهر لحراسة قصة حب نادره,يشعر معه بالسعادة بدون أسباب....هذا القلب يحتاج للراحةالتامة فى ظل رعاية قلب يحبه لأنه يحبه....و هذا يكفى

9 comments:

عـــــــــــاقله جدآ said...

بنت كوبس
كان نفسي اسأل إزاي تتعامد الشمس علي زجاج الفاترينا وقت الظهيره إللهم إلا إذا كان المحل تحت الارض والفاترينا مسطحه
كان نفسي اسأل إزاي فاتت علي مجدي يعقوب ان البني أدم ممكن يقلع قلبه ويحطه علي المكتب كما لو كان فرده شراب
كان نفسي اسأل إذا كانت هي دي بعينها نفيسه معوقه المترو في زيارتها للدكتور جمال ماضي ابو العزايم
لكن
المره دي فعلا قلمك خطير والقصه فعلا ومن غير هزار حلوه اوي
ثم ان احنا كنا في عيد ومطره و زروطه...يعني
كل سنه وانتي طيبه

فيشة بنت كبس said...

التخيللل ثم التخيللل ثم التخيلللل و بجد بجد كان نفسى حد يسألنى كده:D ... و ربنا يكرمك:) و كل سنة و إنت طيبة... كان نفسى أعيد عليكى أنا الأول بس إنت دائما سباقة بالخير:)

Tamer Moghazy said...

بجد...رائع...واكثر من رائع...
انت ادتيني افكار كتير في البوست ده من غير ما تقصدي.
وانا فعلا استمتعت بالوقت اللي قضيته في القرأة
كل سنة وانت طيبة

فيشة بنت كبس said...

اشكرك يا تيمو إنك إستحملت تقرأ و مبسوطه إنها عجبتك بجد:)... و كل سنة و انت طيب

Tamer Moghazy said...

مرت الأيام و الشهور ,ذهبت له شاحبة الوجه ووضعته أمامه على المكتب...نظر له..يتفحصه , لكنه كان سليما..تفحصه مرة أخرى جيدا ,لم يجد به شئ ..سألها بإستغراب :"حضرتك بتشتكى من إيه!!!"ء

نظرت له بملل:"لا شئ......و هذا يؤلم أكثر!!"

حقا...هذا يؤلم اكثر مما يتخيلة الكثيرون..!!
قلب موجوع..افضل من قلب فاضي.

Tamer Moghazy said...

صباح الخير..
ليا ملحوظتين عشان المدونة تكون اجمل
1- خللي التعليقات تظهر في صفحة زي باقي المدونات
2- ممكن تلغي البوكس بتاع التحقق من الكلمة لانه موش ليه اي فايدة غير انه يعذب المعلقين

و.......صباحك خير وورد وياسمين :)

فيشة بنت كبس said...

BGD YA TIMO THNXX ALOT 3ALA EHTMAMAK:):) w ana ha3ml what u told me isA:) bs mawdoo3 el comments da ana hagarabo fatra 3shan khater ana shayfa eno lama el nas te2ra stories wara ba3daha ykoon ansab...anyway "talabatak awamer" w yareet dayman t2oli ra2yak 3ala ay 7aga :)...سلام عليكم

لــــ زهــــــراء ــــولا said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بجد منورة واستمتعت جداااااا بقراءة البوست ...تحفة بجد والله ووعد بمزيد من استكشاف المدونة ان شاء الله
دومتي بود

فيشة بنت كبس said...

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته:) النور نورك..ربنا يكرمك يا فندم و المدونة منوره بيكى..فى إنتظارك دائما:)