ليلة بلا إحساس

جلست تحدق فى هدوء السماء ..تسمع فى الخلفية صخب كل من كان بالحفل, فجأة.. توقف كل شئ ,تذكرت ما طلبه منها ذلك اليوم و هو يعطيها قطعة الشيكولاتة..

-" ها؟؟ قوليلى طعمها ايه؟؟"
"-مممم حلوة:) ... شكرا"
"-لأ أنا بسألك بجد طعمها ايه؟؟؟"-
شعرت بالخجل و استغربت ...كيف يعطيها شئ لم يذقه ثم يسألها عن طعمه!!!

لاحظ على وجهها الاستغراب فقال مستطردا:"متفهمنيش غلط , بس حاولى توصفيلىJ"
"-طعمها شيكولاتة.... حلو و مسكر!! ممكن أجيبلك واحدة تدوقها اعتها تعرف" ضحكت ضحكة خجل جعلتها تفكر فى وجهه الجاد ...لم يعر هو هذه الضحكة اهتماما كبيرا و وضع يده فى جيبه و أخرج قطعة عسلية.

-:" طيب دوقى دى و قوليلى طعمها ايه!!!"

وضعتها فى فمها و هى ترسم ملامح الجد..."-طعمها... طعمها عسلية... حلو و... و مسكر!!!!"....أبتسم لها و كأنه وجد إجابة سر أسرار الأرض ثم ودعها.
كانت تبتسم كلما تذكرت هذا الموقف... و لكن هذه المرة كأن السماء أمطرت فى عيناها .. لم يمنعها من البكاء سوى احساسها بها تربت على كتفها....:"إيه قاعدة لوحدك ليه؟؟؟"

-"مش عارفة.........حاسة إنى............ ب – ت – ف – ت - ت.

-" نعم!!!!!!!! مالك فيه إيه؟؟؟؟"

-" بقولك.........ب – ت – ف – ت - ت...."

-"إنتى أكيد زعلانة من الموضوع إياه!!!أنا حاسة بيكى ,بس صدقينى هترتاحى و تنسى بعدين و كله بيعدىJ"
تركتها.... و كأن "بعدين" قد أتى....

نظرت مرة أخرى للسماء بعمق ,اخترقت آخر نجم بها...-"أ – ت – ف – ت - ت" قالتها و هى تلملم رفاتها المبعثرة من فوق أرض جامدة تكسر كل ما يقع عليها و تفتته أكثر -"لا لا ده مش بيوصف إحساسى أنا بجد..
.ب – ت – ف – ت - ت"

من بعيد رأته يقترب منها بخطوات سريعة ...–"إيه قاعدة لوحدك ليه؟؟؟ شكلك بتحبى و إلا إيهJ!!!!".........

ابتسمت له و هى لا تعلم بماذا تجيب.

-"لألأ, ما هو لازم أفهم إيه الحكاية عشان محسش بالغباء"

ردت بهدوء:....-"يعنى إيه غباء؟؟؟"

... ضحك كأنها قالت نكتة: "على العموم لو مش عايزه تقولى براحتك...."

-"لأ بجد أوصفلى إحساسك بالغباء!"

تسمر أمامها...شعرت أنها أهانته فاعتذرت و حاولت أن تصف له:" أنا ساعات بحس بالغباء بس مش عارفة أوصفه!!"

-"سهلة أوى, الغباء إنك تكونى مش قادرة تستوعبى حاجة رغم سهولتهاJ"

-"متوصفش بالمنطق رد عليا بوصف الإحساس, يعنى قوللى.... طعمه إيه؟؟؟؟؟"

-طعمه؟؟؟؟ طعمه يا ستى...طعمة!!! طعمه غبى" و أطلق ضحكة أشعرتها بالغباء...أعتذرت له مرة أخرى و تركته مودعه.

دخلت غرفتها, فتحت صفحة بيضاء و جلست أمامها ممسكة القلم...كتبت بخط كبير فى وسط الصفحة

" الجرح"

نظرت للكلمة بصعوبة, أحست أن الجيم عين تبكى و الراء خنجر يدخل فى قلب الحاء ليعلن نهاية الكلمة**
....كتبت تحتها, "الجرح هو.. الشعور بالهوان و الخوف ..الأسى و الكبرياء". أمسكت بالورقة.. ضغطت عليها بكل قوتها و هى تكورها لتلقيها فى صندوق القمامة ....
فتحت التلفزيون ,لتجد مشهد لمسرحية يجلس فيها الملك على عرشه و حوله حاشيته و يدخل رسول و يقول-"إلى صاحب السعادة........"
"السعادة...ال سعادة "... ترددت فى اذنها ..استفزتها الكلمة فأغلقت التلفزيون..... فتحت باب غرفتها بعصبية ...ذهبت إلى غرفة أختها مقتحمة الباب....-"بسم الله الرحمن الرحيم....... فزعتينى!!"
-"يعنى إيه فزع؟؟؟"
-"نعم؟؟؟!!!"
صعقت أختها أمام منظر عيناها ترى داخلها شلالات على وشك الإنفجار-"مالك يا بنتى ,شكلك غريب!!!"

ردت و قد نزلت أول نقطة من شلال الدموع:

"أ – ت – ف – ت - ت".............